قصص

قصه مصنع 56 خراطه

كان بقالى فترة مش لاقي شغل ودورت كتير لحد ما لقيت شغل في مصنع خراطة ، فكانت بالنسبة ليا فرصة اجيب منها فلوس وخلاص لحد ما الاقي حاجة احسن ، ومن هنا بدأت فترة في حياتي محبش انها ترجع تاني وكل ما افتكرها أفضل أيام من غير نوم ، اول يوم ليا هناك كان غريب ، كنت بستكشف الموضوع عامل ازاي وطبيعة الشغل ، وكنا بنشتغل من ٨ ص ل ٧ م ده الشيفت اليومي ، وجت الساعة ٧ عشان مهندس من المهندسين يقولى اصبر ما تدخلش تغير هدومك عشان هنتكلم مع بعض شوية ، والناس مشيت متبقاش الا انا والمهندس وكامل عامل تاني لسه معاهم شغل وملهيين فيه والمهندس معاهم وانا فضلت شوية واقف بعيد وفجأة سمعت صوت جاي من الدور التاني ، صوت حد بيزحف ع الارض برغم ان المصنع ساكت والصوت بيسري أو بيسمع في السكون لكن هما مسمعوش فمشيت في اتجاه الصوت واول ما طلعت فوق ووصلت للدور التاني ، لقيت واحد لابس عفريته زي اللي احنا لابسينها وماسك مفتاح في ايده وبينقط
دم ..!!!
جريت ع تحت وانا حاسس ان فيه ناس كتير بتجري ورايا ومن الخوف مش قادر ابص ، يجري بكل قوة عندي وبرغم كده حاسس ان خطواتي بطيئة جدا كأني يجري في حلم مش حقيقة واخيرا وصلت للدور اللي تحت وصوت الناس اللي كانت بتجري ورايا اختفى !! ..
ولقيت الكام عامل اللي لسه موجودين منهمكين في شغلهم ومعاهم المهندس ومفيش حد اخد باله من غيابي أو من الأصوات!!
عنيا راحت ع الدور إللى فوق وفضلت باصص واراقب الموقف وفي الوقت ده اتفزعت ع صوت المهندس بيقول : محمد ياصابر ، يا صابر ، تعالى عايزك ..
كنت خايف جدا ، انا عمري ما اتعرضت لحاجة زي كده ابدا ، وكنت واخد قراري واول ما وصلت عنده وقبل ما يقول اي كلام قولتله انا مش هاجي تاني ومش عايز اكمل شغل .. فسألني ليه كده ؟ حد ضايقك ؟..
كنت متوتر ومش قادر أجمع الكلام وايديا بتترعش من الخوف وشفايفي ، فقال للعمال خلاص نكمل بكره روحوا انتوا الساعة بقت ١٠ كفايا كده لحد النهارده ..
قولت في نفسي الساعة ١٠ ؟!! الكام دقيقة دول فاتوا في ٣ ساعات ؟! ..
المهندس عمل قهوة ليا وليه وقعدنا وقالي :
بس يا صابر ، المصنع هنا قديم وفي مكان نائي وصحرا زي ما انت شايف فمتخافش لو شفت حاجات مش طبيعية ، أو تعبان او اي حيوان ما اتعودتش تشوفه ، كلنا هنا حصلنا مواقف غريبة ومختلفة ، لكن لما العيش مر زي ما بيقولوا ، والمرتب هنا كويس ومش هتلاقيه بره بالإضافة انك هتتعلم صانعة كويسة يمكن مع الوقت تفيدك في المستقبل ويكون عندك شغل مستقل خاص بيك ، فيه ناس كتير عملوا كده ، وانا ليا نظرة في الناس وحبيت انصحك وشايف انك كويس ، القرار في النهاية ليك …
اخد الكبايات الفاضية وهو قايم قولتله : انت شفت واحد معاه مفتاح مليان دم ، معرفش ده واحد ولا عفريت ؟ معرفش غير اني خوفت وجريت وكان فيه ناس بتجري ورايا..
ابتسم ووقف ع الحوض غسل الكوبايات من غير ولا كلمة وده خوفني اكتر وبعدها شاورلي اروح وراه ع اللوكر ” مكان فيه دواليب صغيرة بارقام بتاعت تغيير الملابس” وغيرنا هدومنا ومشينا وركبت معاه العربية ووقف بالعربية بعيد شوية عن المصنع وقالي بص كده ..
خوفت وقولتله ابص ع ايه ؟
قالي : بص ع المصنع من بعيد ..
ولما بصيت كانت الدنيا ضلمة والمصنع شكله يقبض القلب والروح ، وقولتله شكله مرعب ..
حط ايده ع راسي وحركها بزاوية أعلى شوية وقالي : اللي واقف باصص علينا ده هو ده اللى انت شوفته؟!
قولتله اه .. اه .. هو .. هو ده !!
حرك العربية بسرعة ومشينا وقالي :
كُل عيش يا محمد ، ومتخليش اي حاجة تشتت تركيزك ، ده مصنع في صحرا ، وكتير شوفنا فيه ، وكتير هنشوف ونسمع ، ده بيظهر من زمان ، والحكاوي مبتخلصش ، اعتبره سراب ، أو عامل معانا وخلاص ، ومتطلعش فوق تاني ولا تمشي ورا فضولك …
والكلام بينا خلص لحد ما وصلني وسط البلد وقالي اتفضل لاني ساكن قريب هنا في عابدين ، من هنا تقدر تروح ، شكرته ع انه وصلني ونزلت وانا تفكيري تايه !!
وروحت البيت ميت من التعب ونمت غصب عني عشان اصحي تاني يوم واقرر اني اكمل واروح الشغل ..
كلام المهندس صح ، انا جاي آكل عيش مش عشان ابحث عن المجهول ، انا اخليني في حالي وبس ولو الدنيا اتشالت واتحطت مليش دعوة …
ووصلت الشغل وغيرت هدومي وبدأت اشغل نفسي واساعد اى حد وخلاص واني اقف ع المكن واتعلم ، بس برغم ده عقلي رافض ما يفكرش في اللي حصل امبارح ولسه جوايا حاجة مصممة ع اني اعرف اكتر !!..
ولما الشيفت خلص بدأت العمال تمشي ومكنش فيه سهر ، الكل خلص شغله وبدأت اتحرك معاهم في الخروج لكن سمعت حد بينادي و بيقول يا صابر..
اتسمرت مكاني ووقفت و عنيا لمحت نفس الشخص ماشي ورا المكن وسامع خطوات رجليه وصوت المفتاح في ايده وهو بيحركه ع مجسم الماكينات وهو ماشي !!
تداركت الوعي ومشيت بسرعة وخرجت ورا العمال وغيرت هدومي ومشيت ، مشيت وانا الخوف قاتلني لكن الفضول كان مسيطر ع عقلي اكتر من الخوف !!
فات شهر وانا كل يوم بشوفه يا اما باصص عليا وانا ماشي بره المصنع، أو بيظهر خلف المكينات..
اتعلمت في الفترة دي اكتر وبدأت افهم شوية الشغل واتعرفت ع الناس اكتر واكتر ، وفي يوم كان الجو تلج بالمعني الحرفي للكلمة ومكانش فيه شغل وقعدنا وقعنا نار وعملنا شاي وفضلنا نحكي ، وفي وسط الكلام قولت لهم رشدي كبير العمال : المصنع مخيف اوي بس اتعودت عليه اول يوم ليا هنا كنت همشي لأني شفت عفريت ..
كنت فاكر هيتريقوا عليا لكن عم رشدي سألني عن اللي شفته وملامحه اتغيرت وهو بيسألني ..
فحكيت له كل حاجة بالتفصيل الممل ، وكنت وانا بحكي شايفه ، شايفه واقف ورا مكنه وباصص ناحيتنا ومنتبه ، وبعد ما خلصت كلامي شاورت لعم رشدي وقولتله انا شايفه اهو واقف …
حسيت بخوفهم وهو عم رشدي بيقول :
صلاح لسه دمه مابردش، لسه بيدور على الحقيقة مع كل واحد جديد …
ولما سألت عم رشدي عن معنى كلامه رفض يتكلم وقالي : انسى اللي شوفته مفيش في ادينا حاجة نعملها ..
وقاموا كلهم وفضلت قاعد لوحدي ، وهنا قررت اطلع فوق تاني ..
وطلعت فوق ، واول ما تطلع السلم تلاقي باب حديد وبعدها طورقة أو ممر طويل جدا ع جوانبه غرف ..
واول ما عديت الباب الحديد الباب اتقفل !!
اصوات كتير بدأت تظهر وتعلى والنور بدأ يرعش وانطفى ، الدنيا كحل متشفش كف ايدك !!
الجو ساقعة جدا وصوت عم رشدي سامعه بينادي عليا فحاولت افتح الباب الحديد لكن مفيش فايدة معرفتش!!
ندهت عليه اني فوق لكن واضح انه مش سامعني ولا هيسمعني وفي الغالب ان دي نهايتي ..!!
نور خافت ظهر زي ما تحس انك في حلم، إضاءة بسيطة كده ع ضوء القمر مع درجة البرودة واحساس بالموت ، ريحة الموت ظاهرة كإني في مقابر مش داخل المصنع !! صوت حد كان ماشي براحة جدا بس جاي من ورايا ، من ع السلم طالع !! فرحت وقولت اكيد عن رشدي فضلت انادي عليه لكن للاسف برضه مفيش إجابة.. ودخل من الباب الحديد وهو مقفول واحد معرفوش !! ما شوفتوش قبل كده هنا ، وكان واضح انه مش شايفني!! وعداني وسابني ومشي في الممر ده ولقيت نفسي بمشي وراه لحد ما وصل للغرفة أو الأوضة الأخيرة ودخلها وكانت مكتب فخم جدا ، والراجل اللي بشوفه قاعد ع كرسي مستنيه !! وكان شكله عادي واكيد هو ده صلاح …
اتكلموا مع بعض وصلاح واجهوا بحاجات تدينه انه بيشتري من مستعمل بأسعار رخيصة وبيسمسر من صاحب المصنع فلوس كتير جدا، وأن الماكينات دي كانت سبب ان عمال كتير تحصلهم اصابات عمل وصلت لبتر وقطع ايديهم بسبب سوء حالة الماكينات دي ، وصلاح هدد الراجل انه يفضحه وفجأة قام الراجل وبسرعة جدا مسك مفتاح اللي هو زي بتاع انابيب البوتاجاز ونزل بيه ع رأس صلاح وفضل يضرب فيها لحد ما صلاح مات حتى ملحقش يتحرك ويدافع عن نفسه !! الراجل ده فاجئه وضربه بالمفتاح ع راسه بضربات سريعة ومفاجئة والراجل مات !!..
وولع سيجارة بدم بارد وبعدها حطها داخل كوبس أو فيشة الكهرباء بعد ثواني بدء يحصل شرار من الفيشة وضربت وطلعت نار مسكت في المكتب كله وهو واقف بره واتحرك بكل هدوء في اتجاه السلم !!..
وخرج من وسط النار صلاح !! وهو بيزحف ع الارض وفي ايده المفتاح ، نفس المفتاح وقدر يستجمع قواه ومشي ورا الراجل ولحقو قبل ما يوصل للباب وضربه ع راسه ضربه قوية وقعته مغمى عليه وسايح في دمه وصلاح قوته خارت ووقع جمبه والباب لقيته مفتوح والنار في كل مكان وجريت بسرعه وعديت الباب والنار كلت كل حاجة !!..
ولقيت عم رشدي بيقولي : انت كنت فين ؟!
قولتله كل اللي شفته فقال لي :
صلاح ده كان كبير العمال من ٢٠ سنة والراجل ده كان جوز بنت صاحب المصنع الوحيدة وكان متحكم في كل حاجة ، كان مهندس هنا وبسرعة قدر يقرب من صاحب المصنع ويتجوز بنته ويتحكم في كل حاجة ، وصلاح كشفه وانا كنت لسه عامل صغير ومكنش حد فينا في ايده حاجه يعملها ، بس انا كنت عارف كل حاجة ، بس كنت عايز اكل عيش ، فسكت و بعد الحريق مات صلاح واتشوه المهندس محمود ، في الوقت ده كانت بنت صاحب المصنع حامل وخلفت المهندس شادي اللي ماسك المصنع حاليا ، ماتت وهي بتولده وكان بعدها صاحب المصنع بشهور ، ومقدرتش اتكلم برغم اني عارف الحقيقة ، مقدرتش وبعد ٥ سنين مات المهندس محمود وبقيت انا مسؤل عن المصنع مسؤلية كاملة ولقيتني مسؤل عن شادي كمان واتربى وسط عيالي وكبر واتخرج ومسك المصنع ، هو مختلف جدا عن ابوه وبيحب الناس والعمال ، وابوه خد جزائه ودي سنين ياابني وراحت لحالها خلاص …
سمعت منه الكلام ودخلت غيرت هدومي ومشيت ، وانا مقرر اني مش هروح المكان ده تاني ، لأنه هيفضل يظهر لي عشان انتقم له أو يموتني أو معرفش ايه ممكن يحصل ؟! ولو بلغت الشرطة حتى هبلغهم بايه؟!
معرفش قرار غير اني ابعد وابعد وانسى واحاول اتعافى من كل اللي شوفته ومريت بيه …
وبعدت وبعد اسبوع لقيت المهندس شادي بيكلمني وبيقولي : انا عارف انك قررت تبعد وتمشي ومقدر ده ، بس صدقني انا نفسي مش عارف اكفر عن ذنب ابويا ازاي ؟ عم رشدي حكالي كل حاجة …
مكنش عندي رد وقفلت السكة وعدت سنين وغيرت رقمي ومحاولتش ولو بالصدفة اعرف اي حاجة عم المصنع ده ….
تمت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى